19.1.11

إقرأ

من الجمال أن نتحدث عن القراءة فهي من "إقرأ" تلك الكلمة المحركة، الشرارة التي ولدت معها ( ثقافتنا العظيمة ) و رسالتنا المجيدة، و من الإبداع أن يجرب الإنسان القراءة بأنواعها المختلفة المادية و المعنوية ( في القطار، في السيارة، منبطحا، مستلقيا ) متأملا بالنظر و الفكر و الإحساس في نظره إلى ( الشجر، السماء، البحر، حركة الناس في الشوارع، حركة الشعوب المنتفضة تحت الحديد و النار، ) متأملا بالسمع و الإحساس للأخرين، ( موسيقى، رياح، أمواج، طيور، بشر.)

إن القراءة لا ترتبط بالحروف و السطور و الورق و الحبر فقط، إنها أكبر و أجمل و أوسع من ذلك الحيز الذي تتحكم به الأسعار و التيارات و الفلسفات و السياسات الإباحية و المنحلة و القمعية و الرجعية، إنها أكبر و أجمل من أن يسيطر عليها الإنسان أو يشوهها و كلما مارسناها وديا و عملياً كلما عايشناها في الحياة بتلقائية لطيفة بعيداً عن المنهجيات المقررة أو المفروضة، إنها المفتاح الأول الحقيقي لثقافة الإنسان و لا بأس أن تكون بداياتها مع الورق و الحبر ولكن الأهم أن نمارسها روحيا و وديا.

يحزنني ذلك الإنسان الذي لا علاقة له بالقراءة إلا وسط الكتب و بين الأوراق بل انه لو سألته عن رأيه في لوحة معلقة أمامه، لقال لك: لحظة أسأل صاحب اللوحة أو فلان أو علان، تباً له، أليس له روحاً أو ذوقاً يعلن الرفض أو الرضاء أو القبول أو الملاحظة أو الإبتسامة؟! و ذلك لأنه لا يقرأ إلا الحروف فقط و ليس له علاقة بقراءة الألوان و الأشكال و السماء و البحر و الطبيعة و الناس.

من الحضارة أن ندعو الناس إلى القراءة قبل أن ندعوهم إلى الكتب و المعارض أو بالأصح أسواقها الموسمية التقليدية و من أجل تحقيق ذلك يجب أن ننادي بالقراءة وفق خطة عمل شعبية تشمل جميع فئات الشعب سواء بتخصيص أسبوعا أو عيداً للقراءة، ولكن كيف يتم ذلك و ما كيفية الخطة الشعبية؟! يجب فتح الرأي للجميع و من منطلق "إقرأ" في المفهوم القرآني بعيداً عن مفهوم ثقافة الجهل و الرجعية و الظلام و التمدين المادي للحياة الذي جعل الإنسان مطارداً مشرداً على ظهر هذا الكوكب بين الجوع و الحروب و مستودعات الرؤؤس الذرية و مستشفيات الايدز و سجون الأحداث و أغلال الوصايا الدولية الأمريكية.

يجب إعادة النظر في القراءة لأنها صفة من صفاتنا و جزء من حياتنا و ثقافتنا فهي كالصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و الجهاد في نفعها للإنسان المسلم و هي الأمر الأول الذي قاله الرحمن العليم للنبي الكريم صلى الله عليه و سلم، و هي قبل ذلك و بعده دعوة الرحمن للإنسان ليقرأ الحروف و الحياة و الكون و الناس و الماضي و الحاضر و المستقبل.

سالم بوجمهور القبيسي

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف19.1.11

    هل نتذوق القرءاة ؟

    للأسف لانتذوق إلا ماتريده بطوننا ..

    فلا يهم قراءة ولا جمال ولا ولا ولا ....

    بالفعل لمحه جميله استاذنا سالم بوجمهور

    ربما الكثير يقرا ولكن من النادر أن نرى من يتذوق

    ولربما نقرأ ليقال هذا انسان مثقف

    ولكن هل تذوقنا او تعلمنا او عرفنا ماذا نقرأ ولماذا نقرأ !


    كلمات جميله .. اسمحلي ان ابدي اعجابي يها


    الله يعطيك العافيه

    بسمة صلاح

    ردحذف
  2. يسعد اوقاته بكل خير بوجمهور

    فعلا استاذي العزيز هذه إشكالية العصر ، القراءه أصبحت مجرد شهادة يتسلح بها الكثيرين، للولوج لعالم المظاهر " والتظاهر " بالثقافة، لاننفي تذوق الكثيرين لما يقرأون، لكن الكثير ممن أصبح الكتاب والمكتبات مجرد ديكور منزلي لا أكثر.

    الحمدالله أقرأ ما احب وأتذوق ماأقرأ ، لايمكن ان أجامل في " غذاء " تنتفع به روحي .

    شكراً شاعرنا واديبنا الكبير سالم بوجمهور القبيسي .

    ليالي

    ردحذف