2.2.11

قل للغريب اللافي

هي أبيات قديمة، اختلفت الروايات و الأسباب التي جاءت هذه الابيات من أجلها، سنحاول أن نقول ما لدينا. الأبيات تقول:

قـل لـلـغـريــب الـلافـي
ــــ... يـكـمـل عـقل و فواد
لا يـسـتــوي هــزافــي
ــــ... احـسـن له لابـتـعاد
لو كل من جا و شافي
ــــ... حـصـل مـدة الأياد
كان اغتنت الاضعافي
ــــ... و تـباشـرت العـباد


تتحدث القصه عن ريّال كان في سفر مع خادمه، مر بديار عرب و وقف بعيد عن البيوت. بغى يوري الضو و ما كان عنده كبريت، قام و طرّش الخادم عشان يحضر له ملبق من عند أحد البيوت. سار الخادم و تأخر في الردّة، لإنه لقى حرمة تعابل في أحد البيوت، و تحرّاها من الخدم، و أعجب بها، يوم ردّ على عمه، قال له و هو يتعذر:

لـهـانـي مــن لـهــانــي
ــــ... يا بو حمد و اسهيت
بـي قــايـــد الــغــزلان
ــــ... ما بـي يـهام الـبـيـت
بي من سكن سلطاني
ــــ... حـتى انـتـه ما دريت

هنيه عاد الريال دخلت الحرمه في خاطره من رمسة الخادم و بغاها لنفسه. و اتريا لين راعي البيت رد، لما قرّب به راعي البيت  أكرمه و جدم له مايوبه، طلب منه أن يعطيه الخادمه اللي عنده. و هنيه احتار راعي البيت من الطلب، و استغرب لأنه ما عنده خادمه. فكلم حرمته، و قالت له "و لا يهمك طرشني وياه و لا تحاتي، لانك تعرفني بنت عشى و عن عشرة رياييل، و لا عليّه باس، بيردّني لك." و بعد أخذ و رد وافق راعي البيت. يوم سار الريال بالحرمه و نزلوا في مكان و حاول يكشف الغطا عن وجهها قالت له هذه الأبيات:

قــل لـلـغــريـب الـلافـي
ــــ... يكمل عقل و فواد
لا يـسـتـــوي هــزافــي
ــــ... احسن له لابتعاد
لو كـل مـن يـا و شافـي
ــــ... حصل مدة الأياد
كان اغتنت الاضعـافي
ــــ... و تباشرت العباد

فرد عليها:

كشفت ستر خافي
ــــ... و قصرت عن الهباد

و ردها على ريلها.

هذه روايه من الروايات، و نسبت لكثير من الشعراء، ففي قول ينسبها للشاعر جويهر الصايغ و هو من شعراء الامارات القدامى و كان مولى أو خادم للشيخ محمد بن حمد الشامسي، و لكنني أشك في ذلك لنزاهة الشاعر جويهر و كذلك الشيخ محمد بن حمد.


أما الرواية الاخرى، و تنسب هذه الأبيات للشاعر سعيد عتيج الهاملي، والذي كان دائما يتردد للسلام على امرأة من أهله.
و في يوم سار بيسلّم عليها، و قبل ما يهوّد ليستأذن للدخول عليها، سمع عندها صوت ريّال غريب.
و حسب ما يروي كبارالسن ممن يحفظون هذه الأبيات، فإن الرجل راود المرأة عن نفسها و امسك بطرف ثوبها و لكنها أبت و رفضت و دفعته عنها بعيداً. فدخل الشاعر عليهما و لما رأته المرأة خافت ان يحدث مالا يحمد عقباه بينه و بين الرجل. فبغت تغير السالفة و سألت الشاعر عن علومه، فعدّ هذه الأبيات، فقال:

سمعت صوت خافي
ــــ... و القلب فـيه أحـقـاد
سمـعت خـل الحافي
ــــ... و انـا لـه بـ إحـتـياد
بونه الـغـريب الـلافي
ــــ... يـكمل سـنـع و فـواد
مـا يـسـتـوي هـزافي
ــــ... أأمـن له الابـتـــعـاد
لو كـل من يا شــافي
ــــ... حـصـّل مـدّت لــيـاد
كان اغتـنت لضعافي
ــــ... واتباشـــرت لبـــلاد

يقول الشاعر فيها: لقد سمعت صوتا مرتجفا مشوبا بالنوايا السيئة و امتلأ قلبي بالغضب و الحقد على هذا الإثم، ولكن أنا له بالمرصاد قد تأكدت أنه أمسك بثوبك يبغي شرا. و هو غريب و كان يجب على الغريب أن يحترم نفسه و يكون عاقلا و مؤدبا. و ما كان يجب أن يفلت زمام نفسه من يده ليقع في شراك الخطأ. و إذا أراد أن يأمن على نفسه فليرحل فورا عن هنا، و لو أن كل انسان حصل على ما يبغي كلما مدّ يده الى الشئ الذي تراوده نفسه عنه لأصبح كل الفقراء أغنياء. لأنهم يملكون القليل و آمالهم و مطالبهم و أحلامهم أكثر مما يملكون، ولكنهم لا يستطيعون مد أيديهم إلى ما يريدون أن يقتنصوه قنصا و يصبحوا أغنياء و هذا طبعا شيء مستحيل.


أما المرحوم حمد بو شهاب في مجموعة ( تراثنا من الشعر الشعبي ) فروايته لهذه الأبيات تنسبها للشيخ خليفة بن شخبوط، فهو هنا يعطي بعض سيئي الأدب دروسا في حسن المعاملة و الأخلاق، فقال هذه الأبيات:

سمـعـت خـل الحـافي
ــــ... و أنـا لــه بـحـتــيـاد
الـحـس حـس خــافـي
ــــ... و الـقلب فـيـه احقاد
بونه الغريب اللافي
ــــ... يـكـمـل سنع و فواد
مـا يـسـتـوى هـزافـي
ــــ... أحسن له ( لهتياد )
لو كل من يا و شافي
ــــ... حـصـل مــدت لـيـاد
كـان اغتنت لضعافي
ــــ... و إتـبـاشـرت لـعـباد

بونه / أصله و أساسه
لهتياد / الانتظار و الصبر

و بذلك تصبح لدينا ثلاث روايات لهذه الأبيات